فيا عمر الفاروق هل لك عودة
تأخرت يا أغلى الرجال فليلنا
سهرنا وفكرنا وشاخت دموعنا
تضيق قبور الميتين بمن بها
دخلت على تاريخينا ذات مرة فإن جيوش الكفر تنهى وتأمر
طويل وأضواء القنادل تسهر
وشايت ليالينا وما كنت تحضر
وفي كل يوم أنت في القبر تكبر
فرائحة التاريخ مسك وعنبر
معذرة يا أبا حفص . . . معذرة إن كنا تجاوزنا حدودنا فتحدثنا عنك . . . ونحن لا نريد من مقامك ومكانتك بهذا الحديث ، بل يعلم الله إن الشرف والفخر لنا ، وإنه والله حبٌ لكم دفين في زمن كادت الفضائل أن تتلاشى فلا يبقى منها إلا الذكريات .
فأذن لنا يا أمير المؤمنين أن نعطر آذاننا بسيرتكم التي تأبى إلا تبقى عبر الأزمان عبرة وعظة لأولي الألباب.
كرر عليّ حديثهم يا حادي فحديثهم يجلو الفؤاد الصادي
على قدر خوفه من الله وهيبته في نفسه كان خوفه أيضاً من تولي الخلافة فقد كان المنصب بالنسبة له هم ومسئولية حتى إنه ليقول : فوالله ما أستطيع أن أرقد وإني لأفتتح السورة فما أدري في أولها أنا أو في آخرها من همي بالناس منذ توليت أمرهم . . . لله درك يا عمر إنه يوقن جيداً أنه سيقف يوماً وحده ما بين يدي ربه فيحاسبه بكل نفس تولى أمرها من أمة محمد . . . أليس هذا كافياً أن يجعل الرجل يسهر الليل فلا ينام ، وأن يتفقد الناس في كل لحظة . . . نعم هكذا الصادقون يجعلون دائماً نصب أعينهم قوله تعالى : إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا . . . إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا . . . لذلك كان يحاسب نفسه يضرب نفسه بعصاه ويقول : اتق الله يا عمر أو ليعذبنك الله . . . وكان لا ينام إلا ساعة من الضحى .
علاقة عمر بربه :
1 كان عمر مهاباً يهابه الناس وسر ذلك أنه هو نفسه كان يهاب الله فعلى قدر هيبته لله هابه الناس .
2 كان عمر يعس ليلاً على دابته مع أحد عماله فمَّر ببيت سمع صاحبه يقرأ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَا لَهُ مِن دَافِعٍ فنزل عمر من دابته واتكأ على الجدار يبكي ثم حمل لبيته مريضاً يعوده الصحابة شهراً لا يدرون ما به .
تموت النفوس بأصحابها ولم يدر عوادهاما بها
لله دره ما أتقاه وما أنقاه وما أبره وأخشاه لله ، إنه يخشى الله خشية العارفين ويوقره ويهابه حتى لا يكاد ينخلع قلبه إذا مرّ بآية وعيد أو ذكَّر بالله . . . كانت خشيته خشية الحر الذي يوقر الله ويضرع إليه إجلالاً وإكباراً ويخجل أن يلقاه بتقصير . . . عرف لله قدره وعظمته فعز في نفسه أن يعصيه وهو الذي يعلم أنه لو عاش ما عاش فلن يوفي الله تعالى حق فطلق عمر المعاصي وانكب يجتهد في طاعة الله .
3 كان يؤم الناس فيسمع بكاؤه ويبكي معه الناس ، وكان على وجهه خطان أسودان من كثرة البكاء من خشية الله . . . كان يقول لأبي موسى الأشعري : ذكرنا ربنا يا أبا موسى .
4 وكان يلقي الصبي في الطريق فيقول : ادُع لي يا بني فإنك لم تذنب بعد .
5 كان همه الذي يمسي ويصبح عليه : ماذا تقول لربك غداً يا عمر .
6 إذا أردت أن ترى عمر كالعصفور المرتجف الذي احتواه إعصار فما عليك إلا أن تقول له : اتق الله يا عمر ؛ عندها تشهد إنساناً قامت قيامته كأنما وقف على الصراط يقرأ صحيفته اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا . . . من أجل ذلك كان دائم الخوف والقلق لا ينام إلا قليلاً ولا يأكل إلا قوتاً ولا يلبس إلا خشناً . . . يقظان أكثر وقته فإذا سئل قال : إن نمت بالليل ضيعت نفسي وإن نمت بالنهار ضيعت رعيتي .
وكثيراً ما يسأل من يراه من الناس : قل لي بربك كيف تجد عمر ؟ نحسب أن الله عنه راض ، ما تراه لم يخف الله ورسوله فيكم ؟ !
7 زاره أحد الصحابة وكان عمر يأكل فدعاه ليأكل معه وكان قديداً يابساً فلم يرغب الصحابي أن يعني نفسه مرارة الأكل فسأله عمر ما يمنعك من طعامنا ؟ قال : إنه طعام غليظ وإني راجع لبيتي فأصيب طعاماً ليِّناً، فقال عمر : أتراني عاجزاً أن آمر بصغار المعزى فيلقى عنها شعرها وآمر برقاق البر فيخبز وآمر بصاع زبيب فيغلى في السمن حتى يصبح كدم الغزال فآكل هذا وأشرب هذا ؟! ، قال الرجل : إنك بطيِّب الطعام لخبير ، فقال عمر : والذي نفسي بيده لولا أن تنقص حسناتي لشاركتكم في لين عيشكم ولكنت أطيبكم طعاماً ولنحن أعلم بطيب الطعام أكثر من آكليه ولكننا ندعه ليوم تذهل فيه كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وإني أستبقي حسناتي فالله تعالى يقول:أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا
مما قرأت ولي معكم لقاءات اخرى عن هذه الشخصيه الرائعهرضى الله عنه وارضاه وصلى الله على نبينا وحبيبنا محمد خير خلق الله
وأسأل الله ان يتقبل منا صالح العمل
اختكم habeba_91